تداول المراكز على المدى الطويل: دليل عملي للمستثمرين الصبورين

فهم التداول بالمراكز من خلال الممارسة

يُمثل تداول المراكز نهجًا مختلفًا عن وتيرة التداول اليومي السريع. يتعلق الأمر بالحفاظ على مراكز نشطة لأسابيع أو حتى شهور، بهدف التقاط تحركات سوقية مهمة. هذا الأسلوب لا يسعى للاستفادة من تقلبات صغيرة، بل انتظار تحركات جوهرية تدر أرباحًا ملحوظة.

الفلسفة الأساسية لتداول المراكز تكمن في تحديد الاتجاهات القوية ومتابعتها حتى نهايتها الطبيعية. هنا تكمن قوته الكبرى: عندما تحدد اتجاهًا واضحًا في أصل مالي، تكون النتائج عادة استثنائية.

خصائص تميز هذه الاستراتيجية

عمليات أقل، عمولات أقل

على عكس أنماط أخرى، يتطلب تداول المراكز وضع أوامر قليلة جدًا. وهذا يمثل ميزة كبيرة من حيث التكاليف. لن تضطر للقلق باستمرار بشأن الفوائد اليومية (العمولة على التمويل الليلي) أو تراكم العديد من رسوم الدخول والخروج.

إدارة التوتر والصبر

لا يعاني متداول المراكز من تحركات السعر اليومية. لن يتأثر رأس مالك إلا عند إغلاق المركز، بغض النظر عن عدد الأيام التي تكون فيها في المنطقة الحمراء. يتطلب ذلك صبرًا كبيرًا، لكنه يحرر العقل من القلق المستمر الذي يسببه التداول على المدى القصير.

مراقبة استراتيجية، وليست هوسًا

لا تحتاج إلى التواجد أمام الشاشة لساعات. المهم هو تحليل الأصل جيدًا قبل الدخول، وتحديد مستويات جني الأرباح ووقف الخسارة بشكل صحيح، وإجراء مراجعات دورية للكشف عن تغييرات في الاتجاه أو أخبار قد تؤثر على تداولك.

الأصول الأنسب لتداول المراكز

أسهم الشركات المستقرة

أسهم المؤسسات الثابتة مثالية لهذه الاستراتيجية. شركات مثل أمازون، جوجل، أبل، مايكروسوفت، كوكاكولا ووول مارت لديها سجل من النمو على المدى الطويل. على سبيل المثال، أظهرت كوكاكولا اتجاهًا صعوديًا واضحًا منذ 2016، حيث انخفضت إلى 36 دولارًا خلال الجائحة، ثم تعافت لتصل حاليًا إلى 63 دولارًا. هذه المقاومة هي بالضبط ما تبحث عنه في تداول المراكز.

كما يمكنك تحمل مخاطر أكبر مع شركات مبتكرة مثل تسلا أو أوبر، إذا كان تحليلك يقنعك بأنها ستصبح ذات قيمة أكبر بشكل كبير في المستقبل.

مؤشرات الأسهم

مؤشرات مثل S&P500 (US500) تشمل أكبر 500 شركة أمريكية. طبيعتها المتنوعة تجعلها أكثر أمانًا: من غير المحتمل أن تنهار جميعها في وقت واحد. أظهر مؤشر S&P500 اتجاهًا نموذجيًا واضحًا، حيث تراجع فقط خلال أحداث كبيرة مثل الجائحة أو النزاعات الجيوسياسية. ميزة إضافية هي أن العديد من المؤشرات تولد أرباحًا بشكل منتظم.

العملات الرقمية والعملات الأجنبية: اعتبارات خاصة

عادةً لا يُنصح بالعملات الأجنبية. على سبيل المثال، تذبذب USDJPY بين 107.175 و112.043 خلال 225 يومًا (أقل من 500 نقطة). الحفاظ على مركز مفتوح ضمن هذا النطاق لعدة شهور سيكون غير مجدي بسبب الفوائد اليومية.

تُظهر العملات الرقمية تقلبات شديدة وفروقات سعرية عالية. ومع ذلك، إذا اشتريت 0.01 بيتكوين في بداية سبتمبر 2020، لكان بإمكانك الحصول على 544.02 دولارًا في مارس 2021. لكن إذا اشتريت في أكتوبر من ذلك العام، فبحلول يوليو 2022، كنت ستخسر 508.07 دولارًا (متداول ذو خبرة كان سيشتري عند 68,000 دولار مع وقف خسارة عند 63,000، محددًا خسارة ب50 دولارًا). عدم اليقين في هذا السوق الجديد يجعل من الصعب الاعتماد على المؤشرات والأنماط بشكل موثوق.

تطبيق تداول المراكز عمليًا: حالة S&P500

دخول استراتيجي

بعد الجائحة، انخفض مؤشر S&P500 إلى 2,200 دولار في مارس 2020. بعد ملاحظته تعافي السوق، في 10 يونيو، عبر المتوسط المتحرك لـ50 يومًا المتوسط المتحرك لـ200 يومًا (توافق فني). عند دمج تصحيح فيبوناتشي (تصحيح 0.618 من القمم والقيعان) ومستوى مقاومة تحول إلى دعم، تم تحديد منطقة الدخول المثالية حول 2,950 دولار في يونيو 2020.

إدارة وخروج

تم الاحتفاظ بالمركز لمدة سنة و10 أشهر. في نهاية أبريل 2022، عبر المتوسطات المتحركة مرة أخرى في اتجاه هابط، متزامنًا مع عدم اليقين في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) والنزاعات التجارية. تم الخروج عند حوالي 4,200 دولار.

نتائج العملية:

• الدخول: 2,950 دولار (12 يونيو 2020)
• الخروج: 4,200 دولار (30 أبريل 2022)
• النقاط المكتسبة: 1,250
• وقف الخسارة وضع عند: 2,750 دولار (خسارة قصوى 200 نقطة)
• العائد الصافي: 1,250 دولار – الفوائد اليومية – العمولات + الأرباح الموزعة

مع عقد واحد: ربح 1,250 دولار قبل التكاليف والعمولات. مع 0.2 عقد: ربح 250 دولار قبل التكاليف والعمولات.

إدارة المخاطر: المفتاح الحقيقي للنجاح

نسبة المخاطرة إلى العائد 3:1

متداول دخل عند 2,950 دولار ووضع وقف خسارة عند 2,770 دولار، يخاطر بـ180 نقطة. مع عقد واحد، ستكون الخسارة القصوى 180 دولار. للحفاظ على نسبة 3:1، يجب أن يسعى لتحقيق ربح 540 نقطة، بوضع هدف جني الأرباح عند 3,490 دولار (المستوى الذي تم الوصول إليه في 26 أغسطس 2020).

تحديد حجم المركز

إذا كانت لديك 3 أوامر مفتوحة وخسرت جميعها 180 دولار، فستحتاج إلى رصيد أدنى 540 دولار. العملية الصحيحة هي:

1. إجراء إيداع أولي في حسابك الحقيقي
2. تحديد نسبة المخاطرة لكل عملية
3. تحليل العملية قبل تنفيذها
4. تحويل النقاط إلى عقود لمعرفة الحجم الدقيق

مثال عملي:

• إيداع: 100 دولار
• المخاطرة في كل عملية: 5% (5 دولارات)
• وقف الخسارة: 200 نقطة
• هدف جني الأرباح: 600 نقطة
• حجم العقود المطلوب: 0.02-0.03 (0.02 × 200 = 4 دولارات)
• النتيجة: أرباح محتملة 12 دولار أو خسائر 4 دولارات (نسبة 3:1)

المزايا المحددة لتداول المراكز

✅ إدارة مالية أكثر أمانًا عند التطبيق الصحيح ✅ لا يتطلب ساعات لا حصر لها من تحليل الرسوم البيانية ✅ عمولات منخفضة بسبب قلة العمليات ✅ عمليات مربحة مع عوائد ثابتة في اتجاهات مستقرة ✅ توليد أرباح من الأسهم والمؤشرات أثناء المركز المفتوح

المخاطر والتحديات التي يجب مراعاتها

❌ أرباح بطيئة تختبر صبر المتداول ❌ عرضة للأحداث غير المتوقعة (الأزمات الاقتصادية، التغييرات التنظيمية) ❌ الحاجة للتحكم النفسي لتحمل التراجعات المؤقتة ❌ يتطلب رصيدًا كبيرًا، لأن النقاط المكتسبة أو المفقودة أكبر ❌ رأس مال غير متداول أثناء فتح المركز ❌ خطر استدعاءات الهامش إذا لم يُدار بشكل صحيح

بدء تداول المراكز: خارطة الطريق

قبل استثمار أموال حقيقية:

• تحقق من قدرتك على إدارة الحسابات التشغيلية
• افتح حساب تجريبي وجرب أصولًا مختلفة
• تعرّف على المؤشرات وأدوات الرسوم البيانية
• ادرس التحليل الأساسي للسوق المختار

التداول في الوقت الحقيقي:

• استخدم شموع يومية، أسبوعية أو شهرية للتحليل الرئيسي
• يمكنك تحسين الدخول باستخدام شموع ساعة إذا كنت تبحث عن دقة
• حدد أهدافًا بنسبة مخاطر إلى عوائد 3:1
• انتظر تأكيدات من عدة توافقات قبل الدخول
• راقب المركز مرة واحدة على الأقل يوميًا
• تتبع (الوقف المتحرك) فوق سعر الدخول بعد تقدم ملحوظ
• اسمح لبعض العمليات أن تتوقف مؤقتًا في المنطقة الحمراء دون إغلاقها

بالانضباط في إدارة رأس المال، والتدريب القوي على التحليل الفني والأساسي، والصبر لمتابعة الاتجاهات، يوفر تداول المراكز توازنًا استثنائيًا بين الربحية والضغط النفسي. المفتاح هو فهم أن السوق يكافئ من يستطيع الانتظار، وليس من يبحث عن أرباح سريعة.