ليش المؤسسات والدول قاعدين يخزنون BTC؟ المرة هذي ممكن فعلاً تكون مختلفة

مؤخرًا، بدأ عدد متزايد من الشركات والدول في اعتبار البيتكوين “خزينة رقمية”. فهل هو مجرد اتباع للموضة أم هناك منطق حقيقي وراء ذلك؟ دعونا نستعرض الموضوع من الناحية التاريخية والمنطقية.

من الذهب إلى الذهب الرقمي

منذ القدم، احتاج البشر إلى شيء “لتخزين المال”. ولآلاف السنين، لعب الذهب هذا الدور—لأنه نادر، لا يتلف بسهولة، وسهل النقل. لكن ظهرت الآن بعض المشكلات:

• العملة الورقية تفقد قيمتها (التضخم، جميعكم تشعرون به)
• الأزمات المالية متكررة (2008، 2020…)
• الحكومات تطبع النقود بإفراط (الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، البنك المركزي الأوروبي، جميعهم فعلوا ذلك)

لذا بدأت المؤسسات الذكية تتساءل: هل هناك وسيلة لتخزين القيمة أفضل من الذهب؟

لماذا البيتكوين مؤهل؟

يمتلك البيتكوين كل خصائص أداة مثالية لتخزين القيمة:

1. نُدرة حقيقية — لن يتجاوز العدد الكلي 21 مليون وحدة أبدًا، مكتوب في الكود ولا يمكن تغييره، حتى الذهب لا يستطيع تحقيق ذلك.

2. متانة لانهائية — طالما أن الشبكة موجودة، سيبقى البيتكوين للأبد، على عكس العقارات التي تتقادم أو الذهب الذي يمكن سرقته.

3. قابلية نقل هائلة — يمكنك حمل 10 ملايين دولار في ذاكرتك (عبارة الاستذكار)، لا حاجة لخزينة أو تكاليف نقل.

4. شفافية وقابلية للتحقق — احتياطي البيتكوين لدى الحكومات؟ الشبكة كلها تستطيع رؤيته، ولا يمكنك تكديسه سرًا (وهذا ما لا تقدر عليه الخزائن التقليدية).

5. مقاومة للرقابة — لا أحد يستطيع تجميد بيتكوينك، وهذا شريان حياة للدول التي تعاني من تضخم مفرط.

أدلة واقعية بالأرقام

تحركات المؤسسات

• شركة MicroStrategy جمعت بالفعل 214,000 بيتكوين (بقيمة 13 مليار دولار)، والرئيس التنفيذي يؤكد “يجب على أمريكا بيع الذهب وشراء البيتكوين”
• شركة Tesla أدرجت البيتكوين ضمن أصولها

على مستوى الدول

• الصين: 194,000 وحدة
• الولايات المتحدة: 208,000 وحدة
• السلفادور: أكثر من 6,000 وحدة (ولا تزال تشتري، رغم معارضة صندوق النقد الدولي)
• بوتان: 11,600 وحدة

وهناك على الأقل 4 دول أبرمت اتفاقيات سرية لإنشاء احتياطي استراتيجي من البيتكوين (بحسب تسريبات David Bailey).

أين نقطة التحول الحقيقية؟

ليصبح البيتكوين رسميًا “احتياطيًا حكوميًا”، لا بد من توافر عدة شروط:

1. انضمام مزيد من الحكومات — بمجرد أن تشتري البنوك المركزية في الدول الكبرى، ستتبعها الدول الأخرى
2. انهيار استقرار النظام المالي التقليدي — عندما تتكرر حالات التضخم المفرط مثل الأرجنتين وفنزويلا، لن يكون أمام الناس خيار آخر
3. انخفاض التقلب — مع نمو القيمة السوقية ودخول المؤسسات، سيتحول البيتكوين من “أصل عالي المخاطر” إلى “ملاذ آمن”
4. وضوح تنظيمي — وضع إطار سياسات يسمح للبنوك بحيازة البيتكوين على مستوى الدولة (وهذا بدأ يحدث بالفعل)

دروس من التاريخ

قصص الأزمات الوطنية في القرن الماضي مثيرة للاهتمام:

• ألمانيا في عشرينيات القرن الماضي: تضخم مفرط، الناس اشتروا الذهب والعقارات لحماية أموالهم
• أزمة روسيا 1998: بدأت بتكديس الذهب بشكل جنوني، والآن تجاوزت الصين في احتياطيات الذهب
• فنزويلا في العقد الماضي: البوليفار فقد كل قيمته، وأصبح البيتكوين وسيلة النجاة

البيتكوين الآن أشبه بـ"ذهب ذلك العصر"، لكن بإمكانات ووظائف أقوى.

الخلاصة

البيتكوين قادر على أن يكون أداة لتخزين القيمة ليس بسبب “دعاية مجتمع العملات الرقمية”، بل لأنه حلّ المشكلات الجوهرية لأدوات التخزين التقليدية—الندرة، المقاومة للرقابة، وسهولة النقل.

لا يجب أن تصدق تمامًا مقولة “عصر الذهب الرقمي قد بدأ”، لكن الأرقام والحقائق واضحة: أذكى المؤسسات والدول في العالم بدأت تراهن عليه. هذه المرة قد يكون الأمر مختلفًا فعلًا.